الحقيقة الرياضية التي تحاول كل شركات التسويق الشبكي إخفاءها
الخدعة الأولى: "إنها مجرد البداية"
"الأمر بسيط جداً"، هكذا قالوا لك. "كل ما عليك فعله هو أن تُدخل شخصين فقط، لنقل فلان وفلانة. وهم بدورهم سيدخلون شخصين آخرين. الشبكة ستنمو من تلقاء نفسها، وأنت ستجني الأرباح بينما فريقك يعمل. إنها فرصة العمر!"
هذا الوعد يبدو منطقياً وجذاباً. البداية تبدو سهلة للغاية، والنمو يبدو تلقائياً. لكنهم يعتمدون على أنك لن تطرح السؤال الأهم، السؤال الذي ينهار أمامه هذا البناء بأكمله: إلى أين يقود هذا النمو فعلياً؟
هذا التقرير ليس عن الآراء، وليس عن قصص النجاح أو الفشل. إنه عن حقيقة رياضية واحدة، باردة وقاطعة. حقيقة بسيطة لدرجة أنهم يأملون ألا تفكر فيها أبداً. دعنا نكشفها معاً.
القانون الخفي: "آلة المضاعفة"
نمو هذه الشبكات لا يتبع المنطق الخطي البسيط الذي نراه في حياتنا اليومية (مثل إضافة 1، 2، 3...). إنه يتبع قانوناً أقوى بكثير: قانون المضاعفة المتسارعة. لنفترض أن الرقم الذي يطلبونه منك هو $R$ (اثنان، خمسة، عشرة، أو أي رقم آخر). في كل مستوى جديد $L$، عدد الأشخاص المطلوبين ليس مجرد إضافة، بل هو عملية ضرب ضخمة:
هذه ليست مجرد معادلة، إنها وصف لـ "آلة مضاعفة" تخرج عن السيطرة بسرعة مذهلة. فكر في الأمر وكأنها كرة ثلج صغيرة تدحرجها. في البداية تكبر ببطء، لكن سرعان ما تصبح ضخمة جداً في عدد قليل من الدحرجَات. والآن، دعنا نرى ما تفعله هذه الآلة في العالم الحقيقي. لنبدأ بالرقم الذي قدموه لك، "شخصان فقط" ($R=2$).
الحقيقة الأولى: إذا كان كل شخص يُدخل شخصين فقط، فإنك ستحتاج إلى 1,024 شخصاً جديداً في المستوى العاشر وحده. وعند المستوى العشرين، ستحتاج إلى أكثر من مليون شخص جديد. وعند المستوى الثلاثين، ستحتاج إلى أكثر من مليار شخص جديد. كل هذا من بداية متواضعة بـ "شخصين فقط". هذا ليس نمواً خطياً، إنه انفجار عددي.
الاصطدام بالجدار: عندما تنفد أعداد البشر
العدد الإجمالي للمشاركين في شبكتك ليس فقط عدد الأشخاص في المستوى الأخير، بل هو مجموع كل من انضم إلى الشبكة منذ بدايتها (بما فيهم أنت). وهذا الرقم هو الأكثر رعباً، لأنه يكشف عن حجم المجتمع البشري الذي يجب أن يصبح جزءاً من هذه الشبكة لكي "تنجح". يتم حساب هذا العدد الإجمالي بالمعادلة التالية:
دعنا نطبق هذه المعادلة على نموذج أكثر شيوعاً، حيث يُطلب منك إدخال 5 أشخاص ($R=5$). سنرى كيف تتراكم الأرقام بسرعة مذهلة:
- عند المستوى التاسع ($L=9$): ستحتاج شبكتك إلى ما يقارب 2.44 مليون شخص. هذا يعادل سكان مدينة كبرى مثل باريس أو دبي بأكملها.
- عند المستوى الحادي عشر ($L=11$): العدد المطلوب يقفز إلى 61 مليون شخص. هذا أكثر من مجموع سكان دول مثل إيطاليا أو كوريا الجنوبية.
- عند المستوى الثالث عشر ($L=13$): يصل العدد الإجمالي المطلوب إلى 3,051,757,811 شخص.
ثلاثة مليارات شخص! عند 13 مستوى فقط، يتطلب هذا النموذج الرياضي البسيط أن يكون ما يقارب 40% من سكان الكوكب بأكمله جزءاً من شبكتك التسويقية وحدها. هل يبدو هذا كخطة عمل مستدامة أو واقعية؟
الرياضيات لا تجامل ولا تعترف بالأمنيات. التشبع ليس مجرد "خطر" أو "احتمال بعيد" يمكن تجاوزه بالحماس. إنه نتيجة حتمية ومنطقية للنموذج نفسه، بغض النظر عن المنتج أو الخطة التسويقية.
البرهان القاطع: لماذا اللعبة مصممة لتتوقف حتماً؟
وهنا نصل إلى الحقيقة النهائية التي لا يمكن دحضها، والتي تفسر لماذا يشعر من هم في المستويات الدنيا بأنهم يركضون في مكانهم دون الوصول إلى "القمة".
القانون الرياضي الأساسي يقول: لإكمال أي مستوى جديد في شبكتك، يجب على منظمتك بأكملها أن تجند عدداً من الأشخاص الجدد أكبر من حجمها الكلي الحالي!
بكلمات أبسط: إذا كان فريقك بأكمله (بكل مستوياته) يتكون من 10,000 شخص، ومعدل التجنيد هو 5 أشخاص لكل فرد ($R=5$)، فمهمتكم التالية هي إيجاد 50,000 شخص جديد لإكمال المستوى التالي! وهذا العدد (50,000) أكبر بخمسة أضعاف من حجم فريقكم الحالي!
هذا يعني أن مهمتكم تزداد استحالة مع كل خطوة. الأمر ليس مسألة مهارات تسويقية أو حماس. إنها حدود رياضية لا يمكن كسرها. اللعبة مصممة لتصل إلى طريق مسدود. لهذا السبب، السؤال الحقيقي الذي يجب أن تطرحه على من يجندك ليس "كم سأربح؟"، بل هو:
"في أي مستوى من شبكتك هذه، سيتجاوز عدد المشاركين المطلوب سكان مدينتي؟ ثم دولتي؟ ثم العالم؟"
شاهد صمتهم، أو تلعثمهم. لأن الأرقام لا تعرف المجاملة، ولا يمكنهم تغيير قوانين الرياضيات.
تفنيد الاعتراضات الشائعة: حجج فارغة أمام الواقع
بعد أن تواجههم بالحقائق، قد يحاولون الرد بحجج جاهزة. دعنا نفندها معاً:
- اعتراض 1: "لكن هناك دائماً أناس جدد!"
الرد: نعم، البشر يتكاثرون. لكن هل يتكاثرون بنفس سرعة تضاعف الأرقام الأُسّية التي رأيتها للتو؟ لو كان الأمر كذلك، لكان سكان الكوكب الآن بالمليارات والترليونات. الأرقام تثبت أن معدل التكاثر البشري أبطأ بكثير من معدل تضاعف شبكتك المطلوبة. موارد البشر على هذا الكوكب محدودة، وهذا النظام يتطلب موارد لا محدودة.
- اعتراض 2: "المنتج هو الأساس وليس التجنيد!"
الرد: حتى لو كان المنتج ذهباً خالصاً، فإن معظم أنظمة التسويق الشبكي تعتمد على استهلاك المنتج من قبل شبكة متنامية باستمرار من المشاركين الجدد. إذا توقف التجنيد (بسبب الوصول إلى التشبع العددي)، تتوقف الشبكة عن النمو، وتتوقف المبيعات بشكل كبير. الهدف الحقيقي للنموذج ليس البيع للمستهلك الخارجي، بل تجنيد مستهلكين جدد داخل الشبكة.
- اعتراض 3: "أنا سأكون من الأوائل!"
الرد: هذا يعني أنك تعترف بأن المشكلة موجودة، وأنك تعتمد على أن من سيأتي بعدك سيواجه هذه الاستحالة العددية بدلاً منك. وبما أن معظم الناس (الغالبية العظمى) يأتون في المستويات المتأخرة، فمنطقياً هذا يعني أن الغالبية محكوم عليها بالوصول إلى نقطة الاستحالة، ولن يربحوا شيئاً، أو سيخسرون.
جرّب بنفسك: الآلة الحاسبة للواقع
أدخل الرقم الذي يطلبونه منك (R) وعدد المستويات التي وعدوك بها (L)، وشاهد بنفسك متى تصطدم خطتهم بالواقع المحدود لسكان الكوكب.
النتائج ستظهر هنا.
الخاتمة: المعرفة سلاحك الأقوى
الآن أنت تعرف السر. الوعد بالنمو اللامتناهي في التسويق الشبكي هو وهم رياضي صرف. إنه يعتمد على افتراض وجود مجموعة لا نهائية من البشر على كوكب محدود للغاية.
هم يبيعون حلماً، لكنهم يخفون التكلفة الحقيقية: استحالة رياضية مصممة ليستفيد منها فقط من بدأوا اللعبة أولاً، على حساب الغالبية العظمى التي تأتي بعدهم.
أنت الآن تمتلك البرهان القاطع. لقد قمت بالحسابات، ورأيت الأرقام بنفسك. استخدم هذه المعرفة.
شارك هذه الصفحة مع أي شخص يهتم لأمره ويفكر في الانضمام إلى هذه المشاريع. المعرفة هي أفضل حماية!